في مدينة الضباب السعودية الباحة تتيح لزوارها لمس السحاب في أحضان غاباتها الباردة «إنه ليس حلما.. فأنت تلامس سحب السماء بيديك بينما تمشي قدميك على الأرض» هذه الكلمات هي الحقيقة التي يقولها لنفسه زائر مدينة الباحة؛ العاصمة الأم لمنطقة الباحة الواقعة جنوب السعودية؛ خلال فصل الشتاء حيث تنعم حاليا بأيامه قبل استقبالها الربيع، وفيها تقع أعلى قمة بالمنطقة، يصل ارتفاعها إلى 2000 متر عن سطح البحر، وعندها تحتضن الغيمات السابحة في السماء والباردة الكثيفة المحملة بالمطر جبال المدينة، وتتسلل بدورها إلى شوارعها وأسواقها وغاباتها، وتصبح رفيقة درب المارة والعابرين ممن يسمون هذه الظاهرة بالضباب.
يقول الإعلامي خالد صالح الغامدي أحد سكان الباحة «هذه الظاهرة نعتبرها بشكل عام ضبابا ولكنها في الأساس هي عبارة عن السحب التي تعبر السماء وتتقاطع مع قمة الجبل العالي الذي تقع فيه مدينة الباحة، وعندما تكون كثيفة تصبح الرؤية منعدمة لا نرى شيئا أثناء سيرنا في الشوارع وقد تستمر لعدة أيام وأشهر أحيانا» فالمدينة الصغيرة التي تطفو على قمة الجبل حينها تكون في أحضان السحب الباردة. وعندها تحتجب الشمس رغما عنها وترضخ لقوة السحب، وتنعدم الرؤية على بعد مترين فيما تقطع السحب شوارع الباحة وتواري أشجارها، ومع ذلك فالحياة تستمر في أحضانها الباردة، وكأن شيئا لم يكن.
يقول الغامدي «خلال ذلك نقطع الطرق معتمدين على خريطة ذهنية نرسمها للشوارع والطرق في عقولنا دون مشاهدتها أو حتى أن نرى علامات تعرفنا أين نحن فيما بينها» ولهذا قد تكون السحب كما يقول خالد «من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حوادث السير المرورية».
أما الشاعر حسن الزهراني الذي ألهمته هذه الظاهرة قصيدة من الشعر فيقول «الضباب سمة من سمات مدينة الباحة تتمتع بها بشكل كبير دون غيرها، فيزيدها سحرا وجمالا، لقد اعتدنا عليه وأصبح جزءا من حياتنا» ولذلك فإن المدينة المعلقة على قمة الجبل لا يظهر شيء منها حينما تغزوها بكثافة السحب التي تشق طريقها عبر السماء.
والباحة التي يبلغ عدد سكانها 335000 نسمة تقريبا كانت منذ القدم تعرف ببلاد غامد وزهران حيث ان القبيلتين اللتين تسكنها، وكما يقص الغامدي حكايتهما «أن غامد وزهران كانا أخوين، وكل منهما سكن في مكان مختلف عن الآخر في المنطقة، وقد تناسلا حتى تكونت قبيلتي غامد وزهران منهما».
والمنطقة التي تبلغ مساحتها 10960 مترا مربعا يختلف فيها المناخ باختلاف تشكيلاتها التضاريسية، حيث تنقسم المنطقة بشكل عام إلى قطاعين أساسيين يفصل بينهما منحدر صخري ضخم، ففي الغرب منها يقع السهل الساحلي المعروف بتهامة وإلى الشرق منها جزء من سلسلة جبال السروات المعروف باسم سراة، وبسبب أمطارها التي تهطل على مدار العام تنتشر فيها الغابات التي يكثر فيها أشجار الصنوبر والطلح والعرعر بكثرة، فيما يبقى السحاب دائم التسلل إلى شوارع المدينة وأسواقها وحينها يمكن لمسه كأنك في الفضاء.
ومنطقة الباحة تصبح عروسا بفستانها الابيض في فصل الشتاء حيث يتساقط البرد مع المطر واحيانا يهطل التلج بسبب انخفاض درجة الحرارة بشكل كبير
و منطقة الباحة تضم اولاً عدة محافظات هي (المندق - القرى - قلوة - العقيق - المخواة ) واهمها واكبرها وهي المحافظة الرئيسية محافظة بلجرشي ومنها سنبدأ جولتنا تقع محافظة بلجرشي جنوب مدينة الباحة (جنوب غرب المملكة العربية السعودية) بحوالي 25 كم و تعد أكبر محافظات منطقة الباحة و هي المحافظة الأولى في المنطقة والمركز التجاري والإقتصادي. سميت بلجرشي بهذا الإسم نسبة إلى قبيلة بلجرشي التي تسكن في هذه المحافظة و هي من قبيلة غامد. تتميز المحافظة بأنها جبلية و مناخها معتدل و يعد جبل حزنة بالمحافظة أعلى نقطه بمنطقة الباحة. و يعمل سكانها في الدوائر الحكوميه و بعض المصانع و يمارس البعض الزراعة ويشتهر أهلها كثيراً بـ التجارة. وبلجرشي مدينة سياحية من الطراز الأول من حيث الجمال والطبيعية والأجواء الساحرة. وقبيلة بلجرشي تتفرع إلى سبعة لحام (اقسام) - آلمحمد وهي (الحال ,الجلحية ,المكارمة,البكير ) آل جابر و الركبة والسلمية (بضم السين) وآل غازي وآل جبر والحمران وبنو ناشر((الشعف)). وينقسم ال جابر إلى: الصقاع و بني عبيده (بضم العين) والمكارمة والعوذه. وينقسم الركبة إلى: الركبة والمدان والبركة ويتفرع من البركة ( ال خميس والرداد وال مسعود وال حامد والعقالا والحتاته والروضة والكنيف والمبشر والعلي وال قصيرة). السلمية تنقسم إلى: وينقسم ال غازي إلى : الشعبة(بضم الشين ) والجلحية والعطاشين والقرى(بفتح القاف) وال غازي والحصن واهالي قرية الجبل وهم المجاديع و آل شبيلي والغامد وال جراد وال ذياب وال كاشف. وينقسم آل جبر إلى: ال جبر و الحصين . وينقسم الحمران إلى: الحمران وال يفاعه والبكير . وينقسم بني ناشر إلى : ال حزنة(بضم الحاء) وغيلان والمصنعة والقرنين وشعب الفقهاء والربّقة ومطيّب والنشم . ومشيخة هذه القبيلة في بيت آل مصبح من قرية الجلحية, و شيخهم الحالي الشيخ محمد بن محمد آل مصبح. و تتميز بالعديد من المنتزهات مثل منتزة القمع المطل على تهامة والذي يضم منتجع وتلفريك اثرب السياحي و منتزة الشكران. و تتميز بجوها المعتدل صيفاً و المائل للبرودة شتاءً. و تتصل بتهامة بعقبة الأبناء الموصلة لمحافظة نمرة وعقبة الملك عبد الله (تحت الإنشاء) والتي تربطها بتهامة. وفي بلجرشي فروع لأغلب الدوائر الحكومية ومستشفيات ومراكز صحية وفنادق ومنتجعات سياحية ومطاعم وأسواق شعبية ومركزية. وتشتهر بلجرشي بإقامة سوق السبت (صباح كل سبت) وهو سوق شعبي تعرض فيه الكثير من التراثيات والمصنوعات القديمة. من أهم معالم مدينة بلجرشي الثقافية هي: المدرسة السلفية وشيخها المعمر بن جماح، ومن أشهر خريجي هذه المدرسة الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي والشيخ عبدالرحمن الحذيفي إمام المسجد النبوي
قادتنا الرحلة الى جولة سريعة في محافظة المندق عبر الصور